“رِحْلَةٌ بَشَرِيَّةٌ لِلْبَحْرِ” قصيدة حصرية للشاعر الكبير بهجت صميدة
كَيْفَ لِلْبَحْرِ أنْ يَشْرَبَ قَهْوَتَهُ كُلَّ صَبَاحٍ عَلَى شَاطِئِي
وَأَمْوَاجِي تَقْذِفُ الْبَحْرَ بِالْمُلُوْحَةِ وَالسُّخُوْنَةِ
وَتفَرْشِ ُدُمُوْعِي حَوْلِي رِمَالًا
كَيْ يَتَمَكَّنَ الْبَحْرُ مِنْ أَنْ يَمْسَحَ أَمْوَاجَهُ
قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ رِحْلَتَهُ الْبَشَرِيَّةَ دَاخِلِي
أَنَا مَلِيْءٌ بِالْجُزُرِ وَالنُّتُوْءَاتِ
رُبَّمَا يَتَنَزَّهُ فِي رِئَتِي
وَيَبْحَثُ كَثِيْرًا عَنِ الْقَلْبِ لِيُرَبِّتَ عَلَيْهِ
رُبَّمَا يَضَعُ سَاقًا عَلَى سَاقٍ فَوْقَ الْمَعِدَةِ
وَهُوَ يُحَاوِلُ كِتْمَانَ آلامِهَا بِالْمَزِيْدِ مِنَ الضَّوْضَاءِ
رُبَّمَا يَبْحَثُ عَنْ عَقْلٍ دَاخِلَ هَذَا الرَّأْسِ
لَكِنَّهُ بِكُلِّ تَأْكِيْدٍ لَنْ يَسْتَمِرَّ طَوِيْلًا
وَإنَّمَا سَيَطْلُبُ الْعَوْدَةَ إلَى هُدُوْئِهِ بَعِيْدًا عَنِّي
أَيُّهَا الْبَحْرُ، لَنْ أُزْعِجَكَ
لِنَعْقِدِ اتِّفَاقًا
أَتْرُكُكَ وَحْدَكَ لَا أُلَوِّثُكَ بِالأشْعَارِ
وَتَتْرُكُنِي وَحْدِي
لَا تَحْمِلُنِي كُلَّ مَسَاءٍ وَتَقْذِفُنِي مِنَ الشُّبَّاكِ
لأُوَزَّعَ أَجْزَاءَ عَلَى رُؤُوْسِ الْجِبَالِ
أَنَا لَمْ أَعُدْ قَادِرًا عَلَى هَذَا الصِّرَاعِ
كُلَّمَا وَزَّعْتُنِي عَلَى رُؤُوْسِ الْجِبَالِ وَنِمْتُ
أَتَتِ الشَّمْسُ فَلَدَغَنِي الْعَرَقُ
وَرَأَيْتُنِي أَتَجَمَّعُ عَلَى جَبَلَيْنِ فَقَط
أَحْجِلُ بِالْجَبَلَيْنِ
حَتَّى يَنْضَمَّ الْعَاْلَمُ كُلُّهُ دَاخِلِي
بَيْنَمِا أَنْتَ أَيُّهَا الْبَحْرُ لَا تَزَالُ تَسْخَرُ مِنْ هُدُوْئِي
أَنَا أَحْسُدُكَ عَلَى هُدُوْئِكَ
فَلَكَ شَوَاطِئُ
وَأَنَا لَمْ يَعُدْ لِي جِلْدٌ
مُنْذُ أَنْ رَسَمَتِ الْحِدَأَةُ طَاوُوسًا عَلَى صَدْرِي
وَأَكَلَتْ جِلْدِي
أَيُّهَا الْبَحْرُ
دَاخِلِي مَصَانِعُ سُفُنٍ لَا تَتَوَقَّفُ عَنْ إطْلَاقِ السُّفُنِ
لاكْتِشَافِ عَالَمٍ جَدِيْدٍ
مَا زَالَتْ تُؤْمِنُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُوْدِ عَالَمٍ مُوَازٍ
مَلِيْءٍ بِالْوَرْدِ وَالْعَصَافِيْرِ
تَحْلُمُ بِالْوُصُوْلِ إلَيْهِ قَرِيْبًا
قَدْ يَكُوْنُ هَذَا الْعَالَمُ عَلَى حُدُوْدِ الْقَلْبِ
قَدْ يَكُوْنُ عَلَى حُدُوْدِ الْعَقْلِ
لَكِنَّهُ بِكُلِّ تَأْكِيْدٍ لَنْ يَكُوْنَ مُلَطَّخًا بِالدِّمَاءِ
وَلَنْ يَكُوْنَ مُلَطَّخًا بِالطَّعَامِ
رُبَّمَا يَسْرِي فِي الْعُرُوْقِ
أَيُّهَا الْبَحْرُ، اطْمَئِنْ
فَالسُّفُنُ الآنَ لَا تَتَوَقَّفُ
وَأَنَا لَا أَخْشَى عَلَيْهَا الْغَرَقَ.
**********
“رِحْلَةٌ بَشَرِيَّةٌ لِلْبَحْرِ” قصيدة حصرية للشاعر الكبير بهجت صميدة
- حصرياً .. جزء من رواية “امرأة عابرة ورجل وحيد” للكاتب سيد عبد الحميد
- حصرياً.. جزء من رواية “الحجرات” للكاتبة شيرين سامي
- حصرياً.. جزء من رواية السمراء المنكود للكاتبة نسمة الجمل | معرض الكتاب 2021
- فصل حصري من رواية “حانة الست ( أم كلثوم تروي قصتها المحجوبة” للكاتب محمد بركة
- حصرياً.. قصة “صياد الألسنة” من المجموعة الفائزة بجائزة الشارقة للإبداع العربي 2017 للكاتبة السورية روعة سنبل
- حصرياً من كتاب “درامادول” للكاتب طارق الجنايني قصة “رحلتي من السيد الترزي إليه مرةً أخرى”
- مقطع حصري من رواية صوفيا هارون للروائي المصري أشرف الخمايسي